على سبيل التقديم
يقول على عزت بيجوفتش في كتابه الاسلام بين الشرق والغرب
الاضرابات التي تهز الاقتصاد الرأسمالي عادة ماتحمل طابعا اقتصاديا وتنتهي غالبا في صيغة تسويه ترفع بمقتضاها أجور العمال
الاضرابات التي تهز الاقتصاد الرأسمالي عادة ماتحمل طابعا اقتصاديا وتنتهي غالبا في صيغة تسويه ترفع بمقتضاها أجور العمال
إن الشكل التقليدي للطبقة العاملة طبقة البروليتاريا المقهورة في المصانع والتي طبقا لماركس ستوجد حتى تلغي نفسها كان شكلا مؤقتا فالآلات تأخذ دور العمل اليدوي وأصبح النشاط الانساني منصبا أكثر فأكثر على السيطرة على النظم الآليه الكبرى وإدارتها
لإن تطور العلم والتكنولوجيا وتطور وسائل الانتاج لم يؤد إلى قوة الطبقة العاملة
ولكن
إلى تدهورها
لم يمنح هذا التطور قوة للعمل بل على العكس نقل النقطة الحاسمه في الانتاج وكذا الاهمية الاجتماعية إلى الذكاء التكنولوجي
وهكذا تلاشت آخر المثاليه والرومانسية الثورية
وظهرت على المسرح التكنوقراطيه والقوة العقلانية التي لا قلب لها
وهي النتاج النموذجي للحضارة الراسخة
...............................................................................
المبحث الأول
حقوق العامل في الإسلام
...........................
بينت الشريعه السمحاء حقوقا للعمال أو الأجراء وحددتها ووضعت لها ضواب وقوانين
أولا حق الفرد في كفالة الدولة (حق التعيين وإيجاد العمل )
الدولة تهئ سبل الكسب للأفراد
يقول الدكتور عبد الكريم زيدان في كتابه حقوق الافراد في دار الاسلام
وإذا كان العمل مندوبا في نظر الشرع والسؤال محظورا
والدولة الاسلاميه ماقامت إلا لتحقيق مايحبه الشرع ومحو ما يكرهه
فمن البديهي أن تقوم الدولة الاسلاميه بتسهيل سبل العمل والكسب للأفراد
فهذا بعض ما عليها للمواطنين
فتوجد العمل للعاطلين وتقوم بإيجاد المشاريع النافعه لتشغيل الأفراد
ولا تنفق أموال بيت المال على التوافه وعلى مالا ينفع
وحتى إذا اقتضى الأمر لتشغيل الأفراد أن تقوم بإقراضهم من بيت المال
فالقرض جائز وهو أفضل من الصدقة
وقد صرح بهذا المفتي الفقيه المعروف أبو يوسف صاحب أبي حنيفة فقال
إن صاحب الأرض الخراجية إذا عجز عن زراعة أرضه لفقره دفع إليه كفايته من بيت المال قرضا ليعمل ويستغل أرضه
...............................................
الحق الثاني
حق المعاملة الكريمة
حماية الدولة لكرامتة وعزته
يقول الدكتور عبد الكريم زيدان أيضا
ولا تقف حماية الدوله للفرد عند حد حمايتة من الإعتداء على حياته وجسمه وعرضه
بل تمتد إلى حماية كرامته وعزته من الإهانة والإذلال
فلا تذله هي ولا تسمح بإذلاله
لأن المسلم يجب أن يكون عزيزا
قال تعالى
وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ
ولا خير في الذليل المهين
ولن يصلح لحمل رساله الاسلام الا الحر العزيز الكريم
ومن ثم فإن الدولة الاسلاميه تربي في المسلم معاني العزة كما أراد الله
وتمنع كل ما يثلمها أو يمسها
فالإمام عمر بن الخطاب كان يقول لولاته
لا تضربوا المسلمين فتذلوهم
ويأمرهم بالحضور في موسم الحج فإذا اجتمعوا خطب في الناس وقال لهم
ياأيها الناس إني لم أبعث عمالي عليكم ليصيبوا من أبشاركم ولا من أموالكم إنما بعثتهم ليحجزوا بينكم وليقسموا فيئكم بينكم فمن فعل به غير ذلك فليقم
وحتى إذا قصرت الدولة بواجبها في رعايه الفرد وعزته
فإن المسلم يتمرد على كل إذلال واستعباد
وإن عقيدته تأبى عليه كل مذلة ومهانه
لأنها تشده إلى الله فلا يرى عظيما يخشاه ويذل له ويرضى بالعبودية له إلا هذا الرب العظيم
وكل ماسواه عبد منقاد إليه لا يستح أن يذل له أو يخاف منه
فقد أسلم المسلم أمره إلى الله وأخلص العبودية له فلن يكون عبدا لغيره
والمفروض في الدولة الاسلاميه أنها تمكن الفرد من العيش وفق ما تقضى به حاجته الاسلاميه وعقيدته التي تقضي بأن يكون عزيزا لا مهانا ومن ثم فهي جد حرصة على عزته وكرامته
.................................................
الحق الثالث
حق استيفاء العامل للأجر العادل كاملا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه
الراوي: عبدالله بن عمر و أبو هريرة و جابر بن عبدالله المحدث: الألباني - المصدر: إرواء الغليل - الصفحة أو الرقم: 1498خلاصة الدرجة: صحيح
وروي أن :أن عليا كان يضمن الأجير
الراوي: خلاس المحدث: الألباني - المصدر: إرواء الغليل - الصفحة أو الرقم: 5/319خلاصة الدرجة: إسناده صحيح
وكلمة الاجر شرعا تحتمل العدل أي أنه يجب أن يكون الأجر معادلا للعمل وما بذل في من جهد
ومع أنه فلسفيا لا يمكن على الإطلاق معادلة الجهد الانساني بأي قيمه ماديه
فهو لا يقدر بثمن
إلا أنه يتم معادلة أو تثمين الجهد هنا بما يكفي للعامل الاستمرار في عطاءه هذا وبذله للجهد
دون أي أثر سلبي عليه سواء من الناحيه النفسية أو الجسدية
فيجب أن يغطي المقابل المادي لهذ الجهد كل مطالب العمال الحياتيه بفروعها المختلفه
كما أن الاسلام قد حذر وفي لهجه شديده جدا صاحب العمل من أن يبخس العامل حقه
....................................
المبحث الثاني
العامل والإضراب لفظا واصطلاحا
................................
العامل لغة : القائم بالفعل
العامل اصطلاحا : هو الوكيل على الشئ
ومعنى الوكيل هنا أي هو الموكل من قبل شخص ما بأداء فعل أو القيام بمهمة معينة
ولذلك يقال : عامل أبو بكر على مكة ... أي الرجل الذي وكله أبو بكر للقيام بمهامه بمكة
ودائما ما كان يطلق على الولاة : عمال الخليفة
والخليفة : هو عامل الأمة
والعامل الآن يمكن اطلاقه على كل من العمال في المصنع
ولموظفين في الهيئات والمؤسسات والشركات
والزارعين في الارض
الاضراب لغه : الإمتناع
الاضراب اصطلاحا : هو توقف أو امتناع العامل عن أداء مهامه التى وكل يها بدون سابق إذن من موكله أو رب العمله لغرض الحصول على احدى حقوقه الأربعه بالعدل
والاضراب تبلورت فكرته عالميا مع الثورة الصناعية
وقبل ذلك كانت إضرابات عمال المناجم أو المزارعين
ولكنها كانت محاولات صغيرة تتم على استحياء ومحلية
ولذلك من الصعب أن تجد اصطلاح الإضراب في كتب العلوم الشرعيه
ولكن تجد المعنى يورد تحت لفظة امتناع عن العمل أو الطعام
وقد استخدم اسرى المسلمين هذه الوسيلة للضغط على العدو معنويا وتحقيق مطالبهم أو الموت شهداء
...................................
.المبحث الثالث
مقومات الإضراب
.............................
أولا سنقدم تعريفا للإضراب من وجهة النظر الاسلامية
هو استخدام العامل لحقه في التوقف عن العمل بغرض استيفاء حق من لحقوق الثلاث الاولى المسلوبة
أولا
يستلزم الاضراب وجود عمل وعامل وعقد بينهما
ثانيا
لا بد من وجود اخلال من طرف رب العمل بأحد حقوق العامل الأربعة التي حفظها له الإسلام
وهو ما يسمى بمطلب الإضراب
ويشترط مشروعيته لتشريع الإضراب
ثالثا
الفعل الذي يتم الإضراب عنه قد يكون
1 ـ العمل الوظيفي
2ـ العمل المهني
3 ـ الطعاب والشراب
.......................................
المبحث الرابع
أنواع الإضراب
........................
الاضراب الفردي : وكان ولا يزال يقوم به أسرى المسلمين
الإضراب الفئوي : وكانت البداية الحقيقية له مع ميلاد الثورة الصناعيه وتسلط النظام الرأسمالي على العمال ( البروليتاريا)
الاضراب العام : غالبا ما يكون الاضراب العام نتيجه لان صاحب العمل هو الدولة
وغالبا مايكون سبب الاضراب العام هو اهدار الحق الثالث من حقوق العامل ألا وهو
حق استيفاء الأجر العادل كاملا
ويكون هناك فجوة بين أجور العمال ومتطلباتهم المعيشية
ومع أنه من المستحيل أن تكون كل فئات الشعب مظلومة في أجورها كعمال
إلا أن الاضراب العام قد يأتي كنوع من المؤازرة الشعبيه لتلك الفئا المظلومة منه
...............................................
المبحث الخامس
الاضراب في التشريع الاسلامي
بين الحظر والوجوب
.....................................
أولا :
الإضراب غير جائز شرعا !!!
يقول الدكتور عبد الكريم زيدان في كتابه حقوق الافراد في دار الاسلام
تحت باب حرية العمل
الاضراب عن العمل
ومادام من حق الفرد أن يباشر العمل الذي يريده
فمن حقه أن يترك العمل متى شاء
ولكن هذا الحق مقيد بعدم الاضرار بالمصلحة العامة
ولهذا لا نرى مسوغا للإضراب العام تعطيلا للإنتاج وإضرارا بالمصلحة العامة
وإذا قيل أن فيه وسيلة لحمل أرباب العمل على انصاف العمال كتعديل أجورهم
فهذا تبرير لا مكان له في الدولة الاسلاميه
لأن الدولة مأمورة بالعدل ومن العدل حصول العمال على أجورهم العادلة منها إن كانوا من عمالها
وإن كانوا يعملون عند غيرها من المواطنين فعلى هؤلاء أن يعطوهم الأجر العادل
فإن أبوا
تدخلت الدولة لإقامه العدل بينهم في مسألة الأجر
فلا يضار عامل ولا رب عمل
فتستقيم أمور المجتمع وينجو من الرجات والاختلال "
انتهى كلام الدكتور
ولنا تعليق وشرح
أولا
اشترط الدكتور عبد الكريم أن يكون ترك العمل مقيدا بعدم الإضرار بالمصلحة العامة
ثانيا
اشترط أيضا أن حكم الشرع بعدم جواز الإضراب قائم
طالما أن الدولة أقامت العدل بين العامل ورب العمل
أو بينها وبين العامل إن كانت هي ربة العمل
ثالثا
أوجب الدكتور على الدولة أن تتدخل بين العامل ورب العمل لإقامة العدل
فهو واجب شرعي على الدولة
من مطلق مسؤلياتها وحمايه حقوق الرعيه
وبذلك
تكون الدولة آثمة ومقصرة لو أنها خالفت هذا الواجب الشرعي
وبذلك يكون من حق الشعب تقويمها
سنترك الان هذه النقطة وننتقل لاخرى ثم نعود
...................................................
ثانيا
الأحوال التي يجوز فيها الإضراب
والأحوال التي يتوجب فبها
يقول الامام ابن تيميه في كتابه السياسه الشرعية في إصلاح الراعي والرعية
ويكنز الولاة من مال الله ما لا يحل كنزه
والأصل في ذلك أن كل من عليه مال يجب أداؤه
كرجل عنده وديعه أو مضاربه او شركه او مال لموكله او مال ليتيم او مال وقف او مال لبيت المال او عنده دين وهو قادر على اداؤه
إذا امتنع أداء الحق الواجب من عين أو دين وعرف انه قادر على اداءه
فإنه يستحق العقوبه حتى يظهر المال أو يدل مكانه
وكذلك لو امتنع عن أداء النفقه الواجبه عليه مع القدرة عليها
عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال
ي الواجد يحل عقوبته وعرضه.
الراوي: الشريد بن سويد الثقفي المحدث: العراقي - المصدر: تخريج الإحياء - الصفحة أو الرقم: 3/188خلاصة الدرجة: إسناده صحيح لي الواجد يحل عرضه وعقوبته
قال سفيان : يعني عرضه أن يقول : مطلني حقي وعقوبته يسجن
الراوي: الشريد بن سويد الثقفي المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: تغليق التعليق - الصفحة أو الرقم: 3/319خلاصة الدرجة: إسناده حسن
لي الواجد يحل عرضه وعقوبته .
قال ابن المبارك : يحل عرضه يغلظ له ، وعقوبته : يحبس له
الراوي: الشريد المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 3628خلاصة الدرجة: حسن
وقال مطل الغني ظلم ، ومن أتبع على ملي فليتبع
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2288خلاصة الدرجة: [صحيح]
والظالم يستحق العقوبة والتعزير وهذا أصل متفق عليه
أن كل من فعل محرما أو ترك واجبا استحق العقوبة
ويقول أيضا في كتابه
فأما إذا كان ولي الامر يستخرج من العمال ما يريد أن يختص به هو وذويه
فلا ينبغي إعانة واحد منهما
إذ كل منهما ظالم كلص سرق من لص
ولا يحل للرجل أن يكون عونا على الظلم
فإن التعاون نوعان
الاول
تعاون على استيفاء الحقوق واعطاء المستحقين
والثاني
تعاون على اخذ مال معصوم
وهذا مما حرمه الله ورسوله
ومن أمسك عن النوع الاول من التعاون خشية أن يكون من أعوان الظالمين فقد ترك فرضا على الاعيان أو على الكفايه متوهما انه متورع وما اكثر ما يشتبه الجبن والبخل بالورع إذ كل منهما كف وإمساك " ا
نتهى كلام الامام ابن تيمية
ولنا تعليق
أولا
النتيجة الشرعية البديهية بأن لي الواجد يحل عرضه وعقوبته
فقط مجرد اللي والالتواء أو الممالطة في دفع الحق لأهله يعتبرها الشرع ظلما
والظالم يستحق العقوبة والتعزير
وهذا اصل متفق عليه
فما بالنا بالامتناع عند الممالطة
يجب على الدولة التدخل لفض الخلاف واقامة العدل بين العامل ورب العمل
على انها تعاقب رب العمل لأنه مالط في الدفع
سؤال :
وإن لم تتدخل الدولة ؟؟
هنا تكون الدولة معاونة للظلم ولو بالسكوت
ولا يحل لأحد أن يكون عونا على الظلم
أي أنه حرام حرام
ويسقط بذلك حق الدولة في حمل ( جبر) العامل على العمل من أجل المصلحة العامة
فهي سكتت على ظلمه
وبذلك يحل للعامل ان يمتنع عن العمل تمام
كاوتتوقف خطوط الانتاج
وتتعطل المصالح العامة
ويضغطوا على الدولة لتستقيم انطلاقا من القاعده الفقهية وجوب الحركة الشعبيه المراقبة والمصلحة
فتستقيم الدولة وتعطي العامل حقة
سؤال : وإن رفضت الدولة ضغط الشعب ؟؟!
وجب التعاون
يقول الامام
ومن أمسك عن النوع الأول من التعاون خشية أن يكون من أعوان الظالمين فقد ترك فرضا على الأعيان أو على الكفاية
متوهما أنه متورع وما أكثر ما يشتبه الجبن والبخل بالورع
وإن كل منهما كف وإمساك
أبعد هذا لم تقتنع؟
انظر لقوله
فقد ترك فرضا على الأعيان أو على الكفاية
أي أن تعاون الشعب مع هذه الفئة المظلومة
فرض
حكم الشرع فيه انه فرض
إما فرض عين على كل فرد من الشعب ويأثم إن تركه
أو فرض كفاية على فئة تقوم به كاملا وإلا سقط اثمه على الجميع
على حسب تقدير الموقف
سؤال : وماهي صورة هذا التعاون مع اعتبار ان الضغط الشعبي للمرحلة الاولى لم يؤت ثماره ؟
هنا تكون الدولة قد بدأت بنفسها الاضرار بالمصلحة العامة
وبدأت في الدخول في حرب مع المسلمين ومصالحهم بسكوتها عن الظلم أولاوعدم رضوخها لتقويم الشعب ثانيا
وبذلك فإنه على الشعب حينئذ أن يقاطع كل أجهزة الدولة بطريقة الإضراب عن العمل
وبها يكون الاضراب اضرابا عاما على جميع افراد الشعب
ويسمى الاضرب العام
وذلك فرض في حكم الشرع
فرض عين أو فرض كفاية على حسب تقدير الموقف
وينتهي الاضراب بإنتهاء الدولة عن سكوتها عن الظلم
ويكون هذا نوع من العقاب والتقويم من الشعب للدولة
ويختلف الاضراب العام عن العصيان المدني العام في طريفه النهاية
فالاضراب العام : هدفه رجوع الحق لأصحابه وحمل الدولة على تطبيق العدل والمساواة ولا يهدف لإسقاط نظام الحكم في الدولة لعدم استحقاقها ذلك
أما العصيان المدني : هدفه تمرد العامة على نظام الحكم في الدولة ويهدف لاسقاطها واحلا نظام بديل يقوم بالعدل وسوف نناقشه في مقالنا القادم بإذن الله تعالى
وبذلك فإن شروط الاضراب الفئوي هي
1 ـ
سلب العامل أحد حقوقه الأربعه
2 ـ
عدم جدوى مطالبة العامل بحقه شفهيا أو بالطرق الاهتيادية
3 ـ
عدم تدخل الدولة لإقامة العدل وفض الخلاف بين العامل ورب العمل
ويزيد الإضراب العام شروطا على هذه الشروط كلها وهي
4 ـ
عدم جدوى الضغط الشعبي على الدولة بطريقة المطالبة السؤال
5 ـ
عدم تسبب هذا الاضراب عن العمل بإذاء لأحد المسلين بسبب التوقف عن العمل أكبر من إيذاء العمال الواقع عليهم الظلم
6 ـ عدم رضوخ الدولة للتهديد بالاضراب فهو يجب أن يكون حركة معلنه من قبلها
وبالطبع فإن ذلك يقتضي من الشعب ما يسمى برأي القوة
يقول الدكتور عبد الكريم
حرية الرأي تستلزم الشجاعه
ولا يكفي للتمتع بحرية الرأي الاعتراف بها للأفراد بل لا بد أن يكونوا على قدر كاف من الشجاعه وقوة القلب وعدم الخوف والتهيب من ذي السلطان
فإن الخوف والضعف والجبن يمنع المرء من البوح برأيه
وهذه أمارة هوان الأمة وتخلي عون الله عنها
قال النبي صلى الله عليه وسلم
إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم يا ظالم فقد تودع منهم
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم: 3/234خلاصة الدرجة: [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما]
والذي يقوي في المسلم الشجاعه وقوة القلب تعميق عقيدة التوحيد الخالص في نفسه واستحضار معانيها في ذهنه
فمتى عرف المسلم بحقة ووعى أن النفع والضرر بيد الله عز وجل وحده وأن غيره مربوب مملوك ضعيف لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعلا ولا ضرا
وأن رئيس الدولة ومن دونه جميعا مثله مخلوقون محاسبون على أعمالهم
لم يخش أن يصرح برأيه وأن يواجه الحكام بما يراه دون تهيب ولا وجل
فإن الله أكبر منهم وإن الآجال والأرزاق بيد الله لا بيد سواه
وفي الحديث ان أبا بكر الصديق رضي الله عنه خطب الناس على منبر رسول الله فقال
أيها الناس إنكم تقرأون هذه الايه وتضعونها على غير موضعها وإني سمعت رسول الله يقول إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه ويقول فكل طائفة ممتنعه عن التزام شريعه من شرائع الاسلام المتواترة يجب جهادها حتى يكون الدين كله لله باتفاق العلماء
................................
المبحث السادس
حكم الإضراب عن العمل
..................................
السؤال :ما حكم الإضراب عن العمل لتحقيق بعض المطالب للعامل أو تحسين بعض الأوضاع ؟
الجواب :الحمد لله إن الإضراب إخلال في عقد العمل بين العامل من جهة وصاحب العمل من جهة أخرى ، ولقد دعى الله عز وجل في كتابه الكريم إلى الالتزام والوفاء بالعهود والمواثيق التي يقطعها الإنسان على نفسه تجاه الغير ، ولا بد أن يقوم العامل بجميع الأعمال الموكلة إليه على الوجه الذي يرضي الله تعالى مصداقاً لقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) المائدة /1 وقد يصاحب الإضراب بعض المفاسد وأعمال الشغب ومظاهر العنف ، وهذا ما لا يرتضيه الشارع بناء على القاعدة الفقهية : درء المفاسد أولى من جلب المنافع ، وهناك العديد من الوسائل التي يمكن اللجوء إليها لتحقيق المطالب وقد تكون أكثر فاعلية وجدوى من الإضراب ، والإنسان العاقل لا يترك باباً وفق أسس سليمة شرعية إلا وطرقه . أما الانقطاع عن العمل بسبب عدم دفع الأجور والرواتب فهذا جائز ، لأن رب العمل أخل بالعقد ، فللعامل أن ينقطع عن العمل حتى يدفع له أجره ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : ( أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه ) رواه ابن ماجه والله أعلم . المرجع : مسائل ورسائل / محمد المحمود النجدي ص 48
.........................................................................
استدلالات أصولية في إثبات جواز الإضرابات والاعتصامات والمهرجانات الخطابية والمسيرات السلمية
5/2/1423 الصفحة الرئيسة 10/8/2008 7:21:57 AM
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى.. اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنِ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ..وبعد: فهذه مسالك أصولية في إثبات إباحة المسيرات السلمية..والإضرابات، والاعتصامات، والمهرجانات الخطابية، أو مشروعيتها، نطرحها على بساط البحث والمناقشة. أولاً: من المقرر في أصول الفقه أن 'الأصل في العادات والأشياء الحِل والإباحة، ولا ينقل عن هذا الأصل إلا بناقل صحيح سالم من معارضٍ يساويه أو يرجح عنه' [انظر روضة الناظر [ص/389] وما بعدها]: وذلك لأن الأمور التي لم ينص الشارع على تحريمها إذا كان الانتفاع بها واستعمالها خاليًا من المفسدة الأعظم منه والمساوية له عادةً؛ فإن العقل يدعو إلى استعمالها، والانتفاع بها، والشرع يؤيد هذا؛ لقوله تعالى منكرًًا تحريم ما لم يرد نص بتحريمه: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ...[32]} [سورة الأعراف]. ولذا فقد جعل أئمتنا الذين كتبوا في 'قواعد الفقه' هذا الأصل قاعدة من قواعد الفقه الإسلامي، يُعرف بها حكم الأمور التي لم يرد بحكمها نص شرعي: قال السيوطي في 'الأشباه والنظائر': 'قَاعِدَة: الأَصْلُ فِي الأَشْيَاءِ الإِبَاحَةُ حَتَّى يَدُلُّ الدَّلِيلُ عَلَى التَّحْرِيمِ' [الأشباه والنظائر [ص/60]. وقال الشيخ السعدي: وَالأَصْلُ فِي عَادَاتِنَا الإِبَاحَة حَتَّى يَجِيءَ صَارِفُ الإِبَاحَة وقال أيضًا: وَسَائِلُ الأُمُورِ كَالْمَقَاصِدِ وَاحْكُمْ بِهَذَا الْحُكْمِ لِلزَّوَائِدِ رسالة القواعد [ص/30] وكذلك قال ابن القيم: 'لَمَّا كَانَتِ الْمَقَاصِدُ لا يُتَوَصَّلُ إلَيْهَا إلاَّ بِأَسْبَابٍ وَطُرُقٍ تُفْضِي إلَيْهَا كَانَتْ طُرُقُهَا وَأَسْبَابُهَا تَابِعَةً لَهَا مُعْتَبَرَةً بِهَا, فَوَسَائِلُ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمَعَاصِي فِي كَرَاهَتِهَا وَالْمَنْعِ مِنْهَا بِحَسَبِ إفْضَائِهَا إلَى غَايَاتِهَا وَارْتِبَاطَاتِهَا بِهَا, وَوَسَائِلُ الطَّاعَاتِ وَالْقُرُبَاتِ فِي مَحَبَّتِهَا وَالإِذْنِ فِيهَا بِحَسَبِ إفْضَائِهَا إلَى غَايَتِهَا' [إعلام الموقعين 2/148]. ولما كانت هذه الوسائل السلمية 'الإضرابات، الاعتصامات، المسيرات السلمية، المهرجانات الخطابية' هي: ـ من قبيل العادات والتصرفات، وليست من قبيل العبادات. ـ ولم يرد دليل شرعي يمنع منها؛ فإن الأصل في استخدامها الحِل والإباحة، وعلى المخالف الإتيان بدليل على التحريم. فإن قيل:'كل ما عندكم عدم العلم بورود الدليل المانع من هذه الأمور وعدم العلم ليس بحجة فليس مجرد عدم الدليل دليلاً على العدم، وبالتالي لا يكون مجرد عدم العلم بورود الدليل المانع دليلاً على جواز المدعي'. قلنا: لو وجد دليل على المنع لنقل إلينا، وانتشر بيننا، ولم يخف على جميع الأمة، فلما لم يظهر هذا الدليل ـ مع الاطلاع، والاستقصاء، وشدة البحث ـ ؛ غلب على الظن عدم وجوده، فنزل هذا الظن منزلة العلم في وجوب العلم به؛ لأنه ظن مستند إلى تحرٍ وبحثٍ واجتهادٍ. فهذا 'علمٌ بعدم الدليل لا عدم العلم بالدليل'، وإن كان الثاني؛ فليس حجة فالأول حجة [انظر روضة الناظر 1/389 وما بعدها] فعدم ورود الدليل المانع دليل على الإباحة لأنها الأصل، وهذا الاستدلال متفرع عن القاعدة الكلية الكبرى: 'اليقين لا يزول بالشك'. ثانيًا: من منع الأخذ بهذه الوسائل السلمية، أو قال بتحريمها مطلقًا؛ فقد خالف الأصل وهو الحِل: فلابد من أن يأتي بدليل معتبر راجح، يقوى على إزالة الأصل وهو الحل، وعندها تسلم دعواه؛ لأنه لا يجوز مخالفة الأصل إلا بدليل. ـ أما أن يقال بالتحريم بمجرد الرأي والهوى دون موازنة أهل الحل والعقد بين المصالح والمفاسد المترتبة على مثل هذه الوسائل؛ فهذا من قبيل الحكم في دين الله بالتشهي، وهو من القول على الله بغير علم، والقول على الله بغير علمٍ أشد أنواع المحرمات؛ لقوله تعالى:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ[33]} [سورة الأعراف]. ثالثًا: إن الذين يخرِّجُّوُن من قال بجواز مثل هذه الوسائل عن منهج السلف يطلقون الحكم بتحريم هذه الوسائل دون تفصيل أو تقييد، بل يجعلون الأصل في الأشياء عند عدم ورود الدليل هو التحريم: وهو قول مرجوح لم يذهب إليه إلا معتزلة بغداد، وبعض قليل من غيرهم ومستندهم واهٍ [الأدلة المختلف فيها [ص/7] وما بعدها]. فقولهم مخالف للقواعد الفقهية الشرعية، فإن الأصل في الأشياء ـ ومنها هذه الوسائل ـ الحِل والإباحة ما لم يرد دليل عل تحريمها، وهذه الوسائل لم يرد دليل بتحريمها بل لا نبعد عن الصواب إن قلنا: إنها قد ورد الأمر بها حيث قد ورد الأمر بإنكار المنكر كما سنذكر بعد قليل، والوسائل المذكورة إذا ترجحت مصالحها؛ شرع الأخذ بها في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لاسيما مع إباحة أصلها، فتكون من قبيل الوسائل التي تأخذ أحكام المقاصد، والمقصد هاهنا شرعي جليل، فكانت الوسائل المفضية إليه بنحو حكمه. رابعًا: وعمدة ما يستدل به المانعون هو: دعوى رجحان المفاسد الكبيرة المترتبة على اتخاذ مثل هذه الوسائل: ونحن نسلم الدعوى، لو فُرض صحة وصفها وما يترتب عليها، ولكن الحقيقة أن هذا غير مسلّم، فإنه إذا تقرر:'أن الأصل في هذه الوسائل الحِل'، فإننا بعد ذلك ننظر إلى واقعها، وما يترتب عليها من المصالح والمفاسد ـ على معنى الانتقال من الإباحة إلى التحريم يكون بأدنى الأسباب ـ وبناءً عليه يتحدد حكم مثل هذه الوسائل السلمية. ـ ومن المعلوم أن كثيرًا من هذه 'الإضرابات ـ الاعتصامات ـ المسيرات السلمية ـ المهرجانات الخطابية' إنما هي إمساك بحق عن عمل، أو إيصال كلمة حق، أو مطالبة بحق شرعي كنوع من أنواع الضغط السلمي لتغيير منكر، أو تحقيق شيء من المعروف، تحققت مصلحته، ويترتب على ذلك خير كثير، فلا بد من موازنة بين هذه المفاسد المشار إليها وبين المصالح المترتبة على ذلك. خامسًا: لو سلمنا بوجود 'مفاسد جزئية' عند استخدام مثل هذه الوسائل، فإن هذه المفاسد قد تسوغ وتحتمل في مقابلة دفع مفاسد أعظم منها وأخطر: عملاً بقاعدة: 'جواز ارتكاب أخف المفسدتين لدفع أعلاهما'، فهذا في تعارض المفاسد، وكذلك القول حال وجود مفاسد جزئية في مقابلة المصالح العامة الغالبة، فإن التحقيق في مثل هذه الحالة:'احتمال تلك المفاسد المرجوحة لتحصيل المصالح الراجحة' وبهذا جاء نظام الشريعة، ومورد الأحكام، فشريعة الله قائمة على مراعاة مصالح العباد، بمعنى: أنها تقضي بتقديم الأهم من المصالح على ما هو دونه، كما تقضي أيضًا بالتزام المفسدة الدنيا لاتقاء المفسدة الكبرى، وذلك حين تتعارض المصالح والمفاسد، أو مفسدتان في شيء واحد. ـ هذا هو المراد بمراعاة المصالح وهو المراد أيضًا من قاعدة:'درء المفاسد مقدم على جلب المصالح' إذ إن معناه: أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة المساوية، أو التي هي دون المفسدة وهو ما يعبر عنه الأصوليون بعنوان: 'انخرام المناسبة بالمفسدة المساوية أو الراجحة' [الموافقات [2/360] وما بعدها]. ـ وأما إطلاق: 'تقديم درء المفاسد على جلب المصالح' ففيه بعد عن تحرير الصواب، وعليه: فإن إطلاق القول بالتحريم قول بعيد عن التحقيق أصلاً، وشرعًا، وواقعًا. سادسًا: في 'الصحيحين' عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا: [مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ]. فتغيير المنكر واجب بحسب ما يتيسر من الوسائل الشرعية التي جاء الحديث بوضع أصولها، فإذا كان 'الاعتصام، الإضراب، المسيرة السلمية، المهرجان الخطابي' وسيلة مؤدية إلى إنكار المنكر بطريق القول، أو بالفعل، ولا مفاسد راجحة في مقابل ذلك؛ فما المانع الشرعي من استعمال هذه الوسيلة، بل نحن نقول: إن هذه الوسائل تأخذ أحكام المقاصد فقد يكون 'الاعتصام، الإضراب، المسيرة السلمية، المهرجان الخطابي' مستحبًا، بل قد يجب أحيانًا، مادام أنها تحقق مقصود الشرع بلا مفاسد راجحة. سابعًا: وأما دعوى أن في اتخاذ مثل هذه الوسائل السلمية مخالفة لولي الأمر وعملاً على شق الصف، وإيذانًا بالخروج على حكام المسلمين: فهذه من العبارات الخطيرة التي لا ينبغي أن تلقى جزافًا، والتي لا يدرك أصحابها حقيقة معناها شرعًا وعرفًا؛ ذلك أن عامتهم مقلدة نقلة بلا تحرٍّ، إذ باجتماع كلمة 'أهل الحل والعقد' على ذلك تنتفي مفسدة احتمال شق الصف. ـ ومما ينبغي أن يُعلم أن الاعتصام، أو الإضراب، أو المسيرة السلمية، أو المهرجان الخطابي؛ يعد في بعض البلاد جريمة يعاقب عليها النظام العام، ولا يأذن بها ولاة الأمور. في حين أنها في بلاد أخرى يسندها النظام العام ويؤيدها القانون، ويأذن بها ولاة الأمور، بل وقد تتولى السلطات المختصة تنظيم مثل هذه الوسائل السلمية في الزمان والمكان كما تأذن بالدعوة إليها .. . إلخ. والسبب في ذلك: أن الوعي السياسي والنقابي في مثل هذه البلاد يكفل حرية التعبير عن الرأي المخالف، لاسيما إن كانت مطالب عادية، فردية أو جماعية. ثامنًا: ضوابط ومحاذير شرعية: وحتى تكون الوسائل المذكورة مطابقة لأحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها العامة، فلابد من مراعاة الضوابط الآتية: أن تكون المطالب والغايات والمقاصد المشروعة شرعًا وعادلة عرفًا، فإن تضمنت محظورًا؛ منعت الوسيلة تبعًا للغاية. أن لا تؤدي الوسيلة إلى منكر يعادل المراد تغييره، أو يربو عليه، بل لابد أن يكون التغيير إلى منكر أخف وأصغر. أن لا يصاحب الوسيلة ترك واجب كالصلاة والجمعة، أو فعل محرم كانتهاك الحرمات، أو الصدام الدموي، أو إتلاف المرافق العامة والملكيات الخاصة، أو الإضرار مطلقًا، وكذا اختلاط الرجال بالنساء، أو التلفظ بالألفاظ البذيئة، والعبارات غير المشروعة. وختامًا .. فهذه مناقشة علمية في إثبات جواز، أو مشروعية استخدام بعض الوسائل الحديثة في سبيل تحقيق مطالب شرعية عادلة، وغايات نزيهة، تم عرضها بشكل تأصيلي مبني على الدليل والتقعيد، لنصل في نهاية المطاف إلى أن:'أقل ما يقال فيها أنها مسائل اجتهادية يسع فيها الخلاف' بل قرر فقهاؤنا قاعدة: 'لا إنكار في مسائل الخلاف' ليرسموا لنا منهجًا راقيًا في أدب الخلاف والحوار العلمي، على أن المخالف متى ما جاء في الاستدلال على منع هذه الوسائل باستدلالات مناظرة لما ذكرنا، فإنه محل تقدير وإجلال، وما قررنا في الاستدلال صواب يحتمل الخطأ، ومذهب المخالف خطأ يحتمل الصواب، والله أعلم. قال تعالى:{وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ[116]} [سورة النحل]. تاسعًا: وخلاصة القول في هذه المسألة: 'أن تُطبق القاعدة الدعوية القائلة: إن الإنكار في المنكرات العامة، ولاسيما المدعومة بقوة السلطان، يُترك أمر تقديرها والحكم فيها لأهل الحل والعقد في كل مجتمع': إذ أنه ما يجوز في مجتمعٍ ما قد لا يجوز في مجتمعٍ آخر، ولا يصح انفراد فردٍ أو طائفةٍ منهم بالقرار فيها، وذلك لأنها أمور تتعلق بعامة المسلمين، وآثارها تعود على جميعهم سلبًا أو إيجابًا، فلا يصح أن تنفرد بها مجموعة أفراد أو فرد. ـ وعلى مجموعة أهل الحل والعقد في كل بلد: أن توازن فيها بين المصالح المتوقعة، والمفاسد المتوقع ترتبها على فعلها، فإن غلبت المصلحة في ذلك؛ جاز فعلها، وإن غلبت المفسدة في نظرهم؛ لم يجز فعلها. ـ وبهذا القيد وحده يمكن أن يتحقق إنكار المنكرات العامة المدعومة، ويجنّب الناس الفتن والتفرق والاختلاف فيها .. كما هو واقع مشاهد في كثير من بلاد المسلمين، حيث تدور الدائرة عليهم في النهاية غالبًا. ـ ومن هنا.. كانت الأولوية الدعوية: العمل على إيجاد مجموعة أهل الحل والعقد لكل قطر تقوم بمثل هذه الموازنات وتتخذ مثل هذه القرارات: 'وما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن' فهم ينظرون فيها من حيث الحكم، ومن حيث القدرة عليها.
وكتبه فضيلة الدكتور عبد الرزاق خليفة الشايجي محمد ربيع- مصر
........................................................................
ما الحكم الإسلامي بالتفصيل في الإضرابات، في ظل صدور فتاوى تحرِّم حتى الإضرابات السلمية، وعند الدعوة إليها ما حكم من لا يشارك فيها؟! *
أجاب عن هذا السؤال الشيخ سعد فضل- من علماء الأزهر الشريف؛
فقال: الحمد لله، وصلاةً وسلامًا على رسول الله وبعد..الإضراب معناه الامتناع عن العمل بصورة فردية أو جماعية؛ للضغط على جهة لتحقيق مطالب معينة، بخلاف الحالات الفردية التي يحدث فيها إضراب عن الطعام لتظلمهم من قرار معين. والإضراب في الحالتين جائز شرعًا، ولا يوجد دليل شرعي على تحريمه إذا كان للمطالبة بحق أو لإبداء تظلُّم؛ ما دام لا يؤدي إلى إحداث ضرر بالغير؛ سواءٌ كان الغير فردًا أو جماعةً أو هيئةً أو الدولة نفسها، ورفع الصوت من المظلومين أو المضارِّين لا شيء فيه ولا حرج، ما دام بعيدًا عن إيذاء الناس أو إلحاق أي ضرر بالمنشآت، وأن يكون التعبير عن الرفض بطريقة سلمية. ويجب على السلطات الاستماع إليهم والاستجابة لمطالبهم ما دامت في حدود الإمكان والمعقولية؛ لأن هذا من حقهم، والله عز وجل يقول في الحديث القدسي الذي يبين عظم جريمة من يأخذ من الناس عملهم ولا يعطيهم أجرهم؛ حيث يقول سبحانه على لسان نبيه الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "ثلاثة أنا خصيمهم يوم القيامة: رجل أعطى بيمين ثم غدر؛ أي أعطى بالله عهدًا ثم غدر، ورجل باع حرامًا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره". وبناءً على هذا فالإضراب السلمي حلال ولا شبهة فيه؛ لأن رفع الظلم عن المظلوم أو القيام بأي أفعال أو إجراءات تحاول رد حقه له.. أمرٌ حلالٌ لا حرمة فيه، خاصةً مع كثرة الظلم من قبل المسئولين وعدم استجابتهم للناس، والله تعالى أعلم
...........................................................................
رقـم الفتوى : 8020
عنوان الفتوى : حكم إضراب السجين عن الطعام لتحقيق أهدافه
تاريخ الفتوى : 15 صفر 1422 / 09-05-2001
السؤال
ما الحكم الشرعي فيما يقوم به المعتقلون السياسيون في سجون الصهاينة من الإضراب عن الطعام وذلك لنيل بعض المطالب والتي قد تكون خاصة بتحسين الأوضاع في تلك السجون....مع العلم أن هذا الإضراب قد يستمر طويلا ويؤدي إلى وفاة بعضهم بسسبب هذا الإضراب؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد أمر الشارع العباد بالمحافظة على الصحة، وأباح لهم الطيبات من الرزق ليحافظوا عليها، ويتقووا بذلك على طاعته وطلب مرضاته، ونهاهم عن الوصال في الصيام لئلا يضعفوا أو يتضرروا، ونعى على أقوام أنهم امتنعوا عن بعض ما أحل الله تزهداً وتنسكاً، وحرم كل ما يلحق الضرر بالبدن من مطعم ومشرب، وتوعد من تسبب في قتل نفسه أشد وعيد قال الله تعالى: ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً* ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً …) [ 29-30] قال القرطبي: أجمع أهل التأويل على أن المراد بهذه الآية النهي أن يقتل بعض الناس بعضاً ثم لفظها يتناول أن يقتل الرجل نفسه بقصد منه للقتل في الحرص على الدنيا وطلب المال بأن يحمل نفسه على الغرر المؤدي إلى التلف، ويحتمل أن يقال (ولا تقتلوا أنفسكم) في حال ضجر أو غضب؛ فهذا كله تناوله النهي.اهـوفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسى سماً فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً" .وفيهما أيضاً عن جندب بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح، فجزع فأخذ سكيناً فحز بها يده، فما رقأ الدم حتى مات. قال الله تعالى: (بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة).ولعله من الواضح أن يستنتج المرء من هذه الأدلة - وغيرها كثير- أن الإضراب عن الطعام الذي يلحق بصاحبه الضرر أو يوصله إلى الهلاك لا يجوز إطلاقاً مهما كان الدافع إليه، أما إذا كان الإضراب عن الطعام لا يلحق ضرراً بالمضرِب، وتعين وسيلة لبلوغ أهداف مشروعة لا سبيل لتحقيقها إلا به، ففي هذه الحالة أفتى بعض أهل العلم بجوازه. وله الاستمرار فيه حتى يحقق هدفه ما لم يحس بالضرر، فإن أحس به وجب عليه أن يتناول ما يدفع عنه الضرر، فإن استمر حتى مات فهو قاتل نفسه والعياذ بالله ، والنصوص المتقدمة تنطبق عليه. ثم ليعلم أن السجن - من حيث هو - قد يكون بحق شرعي، وقد يكون بغير حق شرعي وإنما هو ظلم وعدوان - كالحالة المسئول عنها- :ففي الحالة الأولى: يجب على السجين أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً، ويرد المظالم إلى أهلها إن كانت ثمة مظالم للناس عليه. وليعلم أن ما أصابه لم يكن إلا بما كسبت يده، كما قال تعالى: ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير ) [الشورى:30].أما في الحالة الثانية: فعلى السجين أن يصبر ويحتسب ويرضى بقضاء الله تعالى وقدره وله في الصالحين من الأنبياء والمرسلين والدعاة أسوة حسنة. فإن في ذلك ابتلاء وتكفير للسيئات ورفعاً للدرجات ثم عليه أن يلتجئ إلى الله تعالى في فك أسره وتخليصه من يد ظالمه. فهو سبحانه وتعالى مجيب دعوة المضطر، وهو على كل شيء قدير .والله أعلم.
............................................................................
المبحث السابع
تعليق على الاضرابات المصرية الفائته ...وفتوى في الإضراب
...............................
كمال - الجزائر
تعليقا على أحداث اليوم.. 4 مايو
فقهاء: الاعتراض السلمي على الحاكم جائز
أحمد محمود القاهرة-
أكد عدد من فقهاء مصر وعلمائها أن الاعتراض السلمي على الحاكم أمر جائز شرعا،
لافتين إلى وجوب أن يتحلى المعترض بآداب الإسلام في إسداء النصح للحاكم أو ولي الأمر. وطالب العلماء والفقهاء -الذين استطلعت إسلام أون لاين آراءهم- الجماهير باتخاذ وسائل للتعبير السلمي الذي يسهم في وصول مطالبهم إلى أولي الأمر، وفي نفس الوقت يحفظ أمن الوطن من المتربصين به في الداخل والخارج.. وأوضحوا أن الخروج على الحاكم أمر يرفضه الشرع ما لم يمنع الصلاة أو يأمر بمعصية. واختلفوا حول حكم الشرع في كون من سقطوا في مصادمات الشرطة مع المتظاهرين والمضربين شهداء أم لا.. ودعوا الطرفين إلى ضبط النفس والبعد عن الاستفزاز الذي يؤدي إلى إزهاق الأرواح، خاصة أن النفس في الإسلام لها حرمة الكبيرة. وأكدوا أن الحل في أن يعرف الحاكم واجباته تجاه شعبه والتي سيسأله الله عنها، وفي نفس الوقت يتجنب الرعية الخروج على الحاكم ملتزمين بأداء واجب النصح كما أمر الإسلام. يشار إلى أن عدد كبير من النشطاء الإلكترونيين وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين وحركة كفاية قد دعوا إلى إضراب سلمي اليوم الأحد 4 مايو الموافق العيد الثمانين للرئيس المصري حسني مبارك، وذلك احتجاجا على سوء الأحوال المعيشية، وللمطالبة بإصلاح الأوضاع السياسية في البلاد. نصح الحاكم واجب شرعي في البداية يوضح الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق أن حق الاعتراض على الحاكم بالطرق السلمية حق مكفول في الإسلام ما دام الهدف نبيلا، وخاصة أن كثيرا من المسئولين يتم إخفاء الحقائق عنهم من المحيطين بهم من حاشية السوء، ولهذا كان حق إبداء النصح وتقديم النصيحة المخلصة للحاكم ليس حقا للرعية فقط بل إنه واجب شرعي عليها، وذلك تنفيذا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة قالوا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم". ويفصل: "والنصح حتى يكون شرعيا لابد أن يتخذ من الوسائل المشروعة ما يجعل ولي الأمر يستجيب، فإن لم يستجب فعلينا التكرار المستمر عن طريق وسائل الإعلام بمختلف أنواعها، وكذلك المؤسسات التشريعية مثل مجلس الشعب المختص بالدفاع عن مصالح الشعب وتوصيل مطالبه إلى صناع القرار". ووضع الدكتور نصر النقاط على الحروف في حكم الشرع في المظاهرات والإضرابات قائلا: "الحكم الشرعي يتوقف على المصالح والأضرار الناجمة عن نوعية المظاهرات أو الإضرابات، فكل عمل سلمي لا ينتج عنه الإضرار بمصالح البلاد والعباد ولا يكون بوسائل تخريبية أو يكون وسيلة لتدخل أعداء الوطن من الداخل والخارج فهو جائز". ولهذا يقرر: "أنا مع المظاهرات السلمية التي يرفع خلالها المتظاهرون لافتات تبين مطالبهم العادلة دون تخطي ذلك إلى الألفاظ الاستفزازية أو التصرفات الحمقاء التي تحول المظاهرة السلمية إلى وسيلة عدائية للآخر". ويضيف: "أنا شخصيا معجب بالوسائل السلمية التي يعبر بها المواطنون في الدول المتقدمة عن مطالبهم، أما في البلاد النامية فإن المظاهرات تتحول إلى وسيلة تصادمية أو عدائية.. ولهذا فان الحل أن تعطي قوات الأمن للمتظاهرين حق التظاهر السلمي دون تدخل أمني أو ضغوط ومضايقات، وفي نفس الوقت يحترم المتظاهرون المهمة التي ينفذها الأمن وإزالة أي بادرة سوء تفاهم وأن يتم العمل المشترك لمصلحة الوطن". ورفض واصل إعطاء صفة شهيد لأي طرف من الطرفين في حالة وقوع ضحايا، مؤكدا أن الله هو الذي يحاسب كل فرد حسب نواياه، ولا نملك أن نجزم بأن هذا الطرف معتد أو معتدى عليه، والذي يحدد ذلك هو القضاء العادل النزيه الذي يصدر حكمه بناء على الملابسات في كل حالة بمفردها دون التعميم، معللا ذلك بأن بعض الحالات يكون الخطأ فيها من المتظاهرين، وفي أخرى يكون الخطأ من الشرطة، مشددا على أن مبدأ الصدام بين الطرفين مرفوض شرعا، مهما كانت المبررات التي يسوقها كل طرف لتبرير موقفه. الغاية لا تبرر الوسيلة ضيق وتذمر من معظم المصريين ويرى الدكتور زكي محمد عثمان رئيس قسم الثقافة الإسلامية بكلية الدعوة جامعة الأزهر أن الإضراب أو التظاهر السلمي مأذون به شرعا لأنه يحقق الغاية المقصودة منه وهي توصيل مظالم الرعية إلى الراعي". ويستدرك عثمان قائلا: "أما إذا اختلطت بهذا الإضراب أو التظاهر فوضى أو اشتباكات تؤدي إلى سقوط الأبرياء فهذا أمر منهي عنه شرعا؛ تطبيقا للقاعدة الشرعية (لا ضرر ولا ضرار) مؤكدا على أن يكون هدف المضربين أو المتظاهرين السعي إلى الإصلاح والارتقاء بالوطن ومحاربة الفساد بكل صوره، وأن يقصد به النفع العام فهذا من قبيل الإصلاح الذي أمرنا الله تعالى به حين قال: {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم}، {اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم}". وحذر عثمان من كل وسيلة غير شرعية يلجأ إليها الأمن مثل القبض على بعض ذوي المطلوب القبض عليهم كوسيلة ضغط حتى يسلموا أنفسهم، مؤكدا أن هذا ظلم يؤدي إلى الكراهية والحقد بين أفراد الشعب والشرطة الذين هم في النهاية أفراد من هذا الشعب، حسب قوله. ورفض عثمان أيضا إطلاق صفة شهيد على من يسقط في تلك المظاهرات مستندا في ذلك إلى الحديث الذي يقول فيه صلي الله عليه وسلم: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار قالوا هذا للقاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه". الضحايا شهداء وتشير الدكتورة سعاد صالح العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر إلى أن الإضراب أو التظاهر أو الاعتصام كلها وسائل مشروعة للتعبير عن الرأي، بشرط أن يكون ذلك بطرق سلمية، وألا تكون هناك أي اعتداءات على الأرواح أو الملكيات العامة أو الخاصة. وعلى العكس من سابقيها أوضحت د. سعاد أن قتلى الصدام بين الشرطة والمتظاهرين هم أقرب للقتل الخطأ؛ وعللت ذلك قائلة: "لأن كلا من الطرفين في حالة أقرب بوجه عام إلى الدفاع عن النفس وعدم تعمد القتل، ولهذا فإن الدية هنا تكون دية القتل الخطأ الذي قسمه الفقهاء إلى خطأ في القصد وخطأ في الفعل، وهذه الدية هي ثمن مائة بعير، وليست ألفا أو ألفي جنيه كتعويض بخس". تصرفات الشرطة في ميزان الشرع والقانون ولذلك تقول: "هذا يجعلني أرى أن ضحايا هذه الصدامات شهداء؛ لأن المتظاهر الذي اضطرته المشكلات للخروج تعبيرا عن مطلبه يدخل في إطار شهداء الدنيا الذين قال عنهم رسول الله صلي الله عليه وسلم: «من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد» وفي نفس الوقت فإن عسكري الشرطة مغلوب على أمره وينفذ أوامر قادته وهو في حالة دفاع عن النفس إذا تعرض للاعتداء من جانب المتظاهرين، ولكن يجب أن يتجنب اللجوء إلى استخدام النار أو الذخيرة الحية ما استطاع إلى ذلك سبيلا، حتى لا يزهق دماء بريئة خرجت للتعبير عن مظالمها". مخالفات شرعية وقانونية أما الدكتور حامد أبو طالب عضو مجمع البحوث الإسلامية والعميد السابق لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر فقد تطرق إلى نقطة جوهرية حيث أوضح أن الموقف الشرعي من المظاهرات أو الإضرابات مرتبط بتوفر السلامة للإنسان والوطن، فإذا كان فيها خطر على حياة الفرد وإضرار بمصالح الوطن فيجب الابتعاد عنها والبحث عن وسائل تعبير أخرى تكون أقل ضررا وتحقق الهدف الذي خرج هؤلاء من أجله. وعلل أبو طالب رأيه بأن القاعدة الفقهية تؤكد أن "درء المفسدة مقدم على جلب المنفعة" وإذا طبقنا هذه القاعدة في ضوء ما شهدته مصر في إضراب ومظاهرات 6 أبريل فإنني أرى أنها غير جائزة شرعا وينبغي استخدام وسائل أخرى للتعبير والضغط على صاحب القرار حتى يستجيب لمطالب الشعب". ويحذر أبو طالب من الحيل التي تلجأ إليها الشرطة حيث تقوم بدس أفراد بملابس مدنية وسط المتظاهرين بهدف القبض عليهم أو رصد الزعماء منهم، مؤكدا أن هذه وسيلة "مرفوضة شرعا وقانونا". وعن كون ضحايا المظاهرات شهداء من عدمه أشار الدكتور أبو طالب إلى أن كل واحد منهم سيحاسب على نيته، وأمره موكول إلى الله هو الذي يحدد إن كان معتديا أو معتدى عليه، لافتا إلى أن هناك فئات قد تكون خارج الصدام أصلا ولا علاقة لها به، وتسقط بسبب رصاصة طائشة أو عدوان غير محسوب من المتظاهرين أو الشرطة، فهذا نستطيع القول إنه أقرب للشهادة لأنه بريء ولا علاقة له بالصدام بين الطرفين اللذين قلنا إن من يسقط من أفرادهما فأمره إلى الله ولا نستطيع القول إنه شهيد أو غير شهيد. أما الدكتور عبد الصبور شاهين فقد اكتفى في تعليقه بقوله: أنا أسأل القائلين بعدم جواز الخروج على الحاكم أو حتى الاعتراض عليه، ماذا يفعل الناس إذا أغلق المسئولون عن تسيير أمور العباد آذانهم، وأصبح للفساد والاحتكار والاستغلال والغلاء من يحمونه من داخل النظام نفسه، وزادت معاناة الناس؟! أليس من حق هؤلاء المظلومين تصعيد الاعتراض حتى يتم الاستماع لأصواتهم والاستجابة لمطالبهم العادلة؟! ومن ضمن هذا التصعيد أو التدرج في المعارضة الإضراب والاعتصام والمظاهرات السلمية.. مع المحافظة طبعا على السلم الاجتماعي؛ لأن الإسلام مع حمايته لحرية التعبير الجاد إلا أنه يرفض التخريب مهما كانت مبرراته. جائز شرعا بشروط وبنظرة أخرى يؤكد الدكتور محمد عبد اللطيف البنا مدير تحرير النطاق الشرعي بإسلام أون لاين أن الفتوى لها استقلاليتها، ولها احترامها ولا يصح أن ينجر الفقيه أو المفتي لأغراض سياسية، فيجيز الإضراب في لحظات ويمنعها في أوقات أخرى،
وأمر الإضراب كفله القانون بضوابطه القانونية، ولا بأس من صحته شرعا بشروط هي:
1.
ألا يتسبب الإضراب في هلاك أحد كما لو أضرب الأطباء.
2.
ألا يتسبب المضرب في إهلاك نفسه كمن يمتنع عن الطعام والشراب إلى الموت.
3.
ألا يتم أثناء الإضراب الاعتداء على حقوق الغير وأملاكه الخاصة، ومن يفعل ذلك فهو ضامن.
4.
ألا تضار مرافق الدولة العامة، لأنها ملك للناس جميعا.
صحفي مصري
إنسان