تناثرت حبات العرق مفزوعة من جباههم, ملأت كفوف أيديهم المقبوضة صفحة السماء, تعالت صيحاتهم وتوحدت صفوفهم, جاءوا من أجل الحرية والحق في معيشة كريمة ومجتمع يحكمه نظام عادل, ملأ قلوبهم الأمل في التغيير وفي انقاذ وطن مقهور من أنياب نظام فاسد مستبد قمع كل حرية, الأمل في المقاومة والأمل في النصر.
* * *
إذا أردت أن تهزم شعبا فاقتل في قلبه الأمل,.وكذلك إن أردت أن تستغله أو تفقره أو تسلب منه حريته وتستعبده, الأمل هو وقود كل تغيير, وشعلة كل ثورة, هؤلاء الذين يستعبدوننا يعرفون ذلك, يقتلون في قلوبنا الأمل ويطفئون فينا شعلة التغيير والثورة, يريدوننا أن ننشغل بضعفنا, أفقرونا فانشغلنا بتدبير أقوات يومنا ونسينا أنهم هم من سرقوا أقواتنا منا, وسلبوا منا حريتنا فكتموا أفواهنا من كل صيحة حرية, واغتصبوا منا الحق في تقرير مصيرنا وإرادتنا ورسم مستقبلنا كما نحلم.
* * *
لو أصبت بمرض اليأس فلن تتحرك, ولو أصبت بمرض الخوف فلن تترك مكانك.
الشباب الذين أشعلوا ثورة 1919 لم يكونوا سوى شباب جامعي, لم يكونوا يائسين رغم تحالف الملك مع الانجليز, ولم يكونوا خائفين رغم رصاص الانجليز.
الشباب الذين قادوا كل تغيير في وطننا ومثلوا كل حلم للشعب في مستقبل أفضل لم يكونوا ليفعلوا ذلك لو كانوا قد فكروا كما يفكر بعضنا الآن.. "مفيش فايدة, وهانروح ورا الشمس"!!!
السلام على هؤلاء الأحرار الذين قادوا وطننا نحو الاستقلال .. ونحو الحرية .. ونحو النصر.
* * *
ليست الوطنية علما يرفع في مدرجات الكرة, ولا أغنيه خلفيتها الموسيقية بعض الآلات النحاسية, الوطنية حقا هي حب الوطن حقا, ولا حب بدون مسؤولية وواجب, الوطنية هي أن نشعر بواجبنا ومسؤوليتنا تجاه وطننا, تجاه ذلك الوطن الذي لم يعطه مستغلوه وسارقوه الفرصة ليعبر لنا كم هو معطاء وكم هو كريم وجميل, الوطنية هي التي تجعلنا نزلزل الأرض عندما نرى وطننا مقهورا مستعبدا وننتزع من أجله الحرية, الوطن ليس فقط الأرض, وليس فقط التاريخ, الوطن هو نحن بماضينا وحاضرنا ومستقبلنا ومصالحنا وأهلنا, لا مفر من أن نحبه ولا مفر من أن نؤدي واجبنا نحوه إن نادانا, وواجبنا نحو وطننا الآن هو انتزاع حريته من انياب عصابه استغلته وسرقته وادعت حكمه, لا خير فيمن قال أحبك ياوطني .. ولم يسع في تحرير هذا الوطن.
* * *
التغيير, كلمة مطاطة لكننا عندما نقولها نقصد بها السعي من أجل تحقيق معاني ثلاثة في وطننا: ديموقراطية .. حرية .. عدالة اجتماعية.
نريد ديموقراطية حقيقة, ديموقراطية مفعلة تجعل من حق الشعب تقرير مايريد واختيار من يمثله حقا ويقوم بتنظيم شؤونه تحت مراقبة الشعب نفسه, يراقب من اختاره ويطور اداءه وإن أفسد عزله وحاسبه, الديموقراطية ليست فقط صندوق انتخابات, بل عملية اجتماعية واسعة يقوم بها الشعب كله بأيدي ممثلين يختارهم بدون تدليس أو تزوير في ارادته.
ولا ديموقراطية حقيقة بلا حرية حقيقية, فالحرية صمام الأمان لكل بلد ديموقراطي الحرية هي التي تكفل للشعب أن يغيير حينما شاء, ويقول ويفعل مايريد, ويفرض إرادته أيا كانت.
ولكن كيف يمارس شعب نصفه فقير حريته على النصف الغني؟؟ كيف تتحقق مبادئ الحرية والديموقراطية في وجود فجوة اجتماعية واقتصادية بين نصفي الشعب أو بالأصح أغلبية فقيره وقلة غنيه قادرة؟؟, لذلك لا حرية ولا ديموقراطية دون وجود عدالة اجتماعية, أن تكسب قدر ماتعمل, وأ ن تعمل قدر ماتحتاج, وأن نأخذ ممن يستطيع لمن يستحق ويحتاج.
العدالة الاجتماعية هي التي تردم كل الفجوات بين غني وفقير, بين قادر ومحتاج, هي التي تمنع الاستغلال وتقتل الاستعباد.
من أجل كل ذلك, نريد التغيير, ولا تغيير بلا أمل, ولا أمل بلا فهمي ووعي.
سنغيير واقعنا وواقع وطننا بأن نفهم عمق مصيبة وطننا, وأن نزرع الأمل بداخلنا في قدرتنا على التغيير والثورة, سنغيير واقعنا ونرسم خطوط مستقبلنا بإيماننا بأنفسنا.. وإيماننا بالنصر..
إنسان