أنت تستمتع براديو مدينة البط

أنت تستمتع براديو مدينة البط

الاثنين، ديسمبر 10

أنشودة العقل


أنشودة العقل...
بينما أنا أسير في جنبات المكان... ألاحظ الناس أكثر من ملاحظتي للأشياء المعروضة... رأيتها تقف... منفردة... متفردة... في ذلك الركن الهادئ ...لم يكن فيه سواها... وآخران يتحدثان بصوت هامس... جذبني اليها شئ لا أعرف كنهه إلى الآن... فكأنها يد القدر دفعتني إليها... دفعاً أو هو شئ من الإندهاش لتفردها... أو لعلها تللك الدمعتان المتوهجتان تحت عينيها الخضراوين... وما بهما من نظرة تسري كمقطوعة موسيقية هادئةٍ حزينةٍ... تقدمت إليها متردداً... لا أعرف ما أفعل لها أو أقول... ولكن... انطلق لساني دون أمرٍ مني قائلاً "لماذا لا تمسحين هاتين الدمعتين"... وناولتها يدي منديلا كان فيها......
* * *
تأملت عيناي السماء السوداء بينما كنت مستلقياً في شرفة منزلي... كانت ليلةً صافيةً... وصل فيها القمر إلى الكمال الذي ينشده كل شهر... وصنع ضوءه الأبيض تاجاً له فأحاطه بهالة رائعة الجمال... وتذكرت ذاك الركن... وتلك النظرة الحزينة المنطلقة من عينيها الخضراوين... وهاتان الدمعتان فوق خديها الحمراوين... تعجبت لتذكري... بل ولتعجبي... بل... ولصورتها تلك... وكأنها محفورة في ذاكرتي... وكأنها لا تزال واقفة أمامي الآن... وأنا أمد يدي لها بمنديل فلا تأخذه... ولا تتغير نظرتها... ولا تعابير وجهها...
* * *
لم أشعر بنفسي... فقط... وجدت نفسي أسير في شوارع غريبة... لعلي لم أرها من قبل... ولم أدر بنفسي إلا و أنا في مكانٍ به أناسٌ كثيرون... رأيتها تقف... منفردة... متفردة... في ذلك الركن الهادئ ...لم يكن فيه سواها... وآخران يتحدثان بصوت هامس...دُفِعتُ إليها دفعاً... رأيت تحت عينيها الخضراوين دمعتان متوهجتان... قررت في نفسي شيئاً... تقدمت نحوها... تحركت أصابعي نحو وجهها... احتضن كفاي وجهها ولامست خطوط يدي حمرة وجنتيها... وبينما أنا أهم بمسح دمعتيها المتوهجتين... إذا بصافرةٍ قويةٍ تنبعث...
نظرت حولي... وجدت أحدهم... في زي حارس يتقدم نحوي... رافعاً يده, قائلاً: "ممنوع ياسيدي..." نظرت حولي... استأنف هو: ممنوع لمس أي لوحة من اللوحات المعروضة...
لوحات..!! استدرت... وتذكرت... معرض لكبار فناني القرن... نظرت ليداي... وجدتهما موضوعتين على لوحةٍ زيتيةٍ... بها فتاة... عينيها خضراوين... تحتهما دمعتين... متوهجتان... لوحة زيتية... بلا قلب... بلا شعور...
* * *
عدت للمنزل... أخرجت عقلي من قمقمه... ووضعت قلبي بدلا منه... وطفق قلبي يغني أنشودته... وأنا أردد معه...
"أحببت كل الحب أياماً وأياماً...
وسكبت على أوراق العشق أقلاماً...
فلم أجد كالحب كذباً...
ولا كالعشق أوهاماً..."
إنسان

هناك تعليق واحد:

ا بـن عــمــر يقول...

هل ترانا نلتقي أم أنها .... كانت اللقيا على أرض السراب
ثم ولت وتلاشى ظلها .... واستحالت ذكريات للعذاب

هكذا يسأل قلبي كلما .... طالت الأيام من بعد الغياب
فإذا طيفك يرنو باسماً .... وكأني في استماع للجواب

أولم نمضي على الحق معاً .... كي يعود الخير للأرض اليباب
فمضينا في طريق شائك .... نتخلى فيه عن كل الرغاب

ودفنا الشوق في أعماقنا .... ومضينا في رضاء واحتساب
قد تعاهدنا على السير معاً .... ثم آجلت مجيباً للذهاب

حين نادني رب منعم .... لي حياتي في جنان ورحاب
ولقاء في نعيم دائم .... بجنود الله مرحا للصحاب

قدموا الأرواح والعمر فدا .... مستجيبين على غير ارتياب
فليعد قلبك من غفلاته .... فلقاء الخلد في تلك الرحاب

أيها الراحل عمراً في شكاتي .... فإلى طيفك أنات عتاب
قد تركت القلب يدمي مثقلاً

تائهاً في الليل في عمق الضباب

وإذا أطوي وحيداً حائراً .... أقطع الدرب طويلاً في اكتئاب
وإذا الليل خضم موحش .... تتلاقى فيه أمواج العذاب

لم يعد يبرق في ليلي سنا .... قد توارت كل أنوار الشهاب
غير أني سوف أمضي مثلما .... كنت تلقاني في وجه الصعاب

سوف يمضي الرأس مرفوعاً فلا .... يرتضي ضعفاً بقول أو جوابي
سوف تحدوني دماء عابقات .... قد أنارت كل فج للذهاب