أنت تستمتع براديو مدينة البط

أنت تستمتع براديو مدينة البط

الخميس، يوليو 15

حرية .. حرية .. حرية


حرية .. حرية .. حرية

"كل يا أحمد لقمة قبل ماتنزل"
"لا ياماما شكرا لأني مستعجل بس"
هب لغرفته مسرعا ... مر بالفرشاة سريعا عل شعره الطويل .. طالما صاحت فيه أمه طالبة منه حلاقته وهو يتعلل بالانشغال .. نظر لنفسه نظرة سريعة في المرآة .. آخذا نفسا عميقا فاردا صدره رافعا رأسه ..
ضرب على صدره بقوة مهمهما لنفسه " خايف من إيه .. حتى الحرية لها تمن .. اجمد " اختطف حقيبه السوداء سريعا .. قبل يد أمه طالبا منها الدعاء .. تحسس حقيبته بينما ينزل السلم وتعجب من انتفاخها .. فتحها فوجد بضعة سندويتشات من الجبن قد دستها أمه بينما هو يمشط شعره .. همهم لنفسه بغضب رقيق " مفيش فايده " .. وابتسم
***
" همه بياكلوا حمام وفراخ .. واحنا الجوع دوخنا وداخ" .. وتعالت الهتافات وتعالت أصواات المردديين ... عشرات اللافتات مرفوعة .. تحمل جميعها مضمونا واحدا .. التغيير .. مظاهرة طلابية عارمة في طرقات الجامعة .. ومن مكان ما .. أخذ أحمد نسخ كثيرة من نشرة المسلة التي اعتادوا اصدارها .. تحرك كالنحلة بين من يحيطون بالمظاهرة متفرجين موزعا عليهم كل ما معه .. متحدثا مع هذا ومناقشا ذاك ... ازدادت حماسته وزادت همته .. شعر بقلبه يدق ... ها هو قد أصبح وطنيا .. ها هو قد أصبح مثل هؤلاء الأبطال الذين يقرأ عنهم كلما فتح كتابا عن أي حركة جماهيرية مصرية.. لا يدفعه لعمله سوى حب الوطن ولا يؤجج حماسته سوى الأمل في التغيير .. والرغبة في مستقبل مشرق لوطن مطحون ..

***

اصطف جنود الأمن المركزي ذو الملابس السوداء بدروعهم القاسيه وعصيهم الغليظة .. تحركوا في أماكنهم ضاربين الأرض بأحذيتهم مصدرين أصواتا مخيفه " هوو.. هوو .. هوو " قرر منظموا المسيرة التحدي .. واطفت المظاهرة صفوفا اطول .. ضربوا الأرض بأحذية يحركها الغضب ويدفعها حب الوطن..
هتفوا صائحين ..
" حرية .. حرية .. حرية ..""
.. هاجمهم الجنود بعصيهم .. جنود مدججين بالسلاح يهاجمون طلبة عزل ..
"حرية .. حرية.. حرية "".
.نظر أحمد فإذا زميل له قد وقع تحت أرجل الجنود ... وتهاووا عليه بعصيهم الغليظة .. اندفع ناحيته محاولا تخليصه .. صائحا بغضب ..
" حرية .. حرية .. حرية"

***

صوت حاد لصرير باب حديدي.. ثم صوت اصتدام فسكون مخيف .. حك رأسه بالحائط محاولا نزع الغمامه السوداء من على عينيه .. فتح عينه ببطء خوفا من الضوء .. نظر لجدران الزنزانة .. لا شئ سوى بعض الكلمات المحفورة تدعوا لاسقاط الطغاة والديكتاتور .. تألم معصمه .. فقد ربطوا يديه بكلابشات للخلف .. أدرار رأسه وخصره محاولا رؤية يده أسفل ظهره .. كانت كلابشات حديدية لامعة .. محفور عليها بالانجليزية ..

Made in Indonisia
همس لنفسه:
"حتى القيود أبيت أن تصنعها يا وطن " وابتسم

* * *

من عشقي فيكي يامحروسة ياإنسانه
لا كرهت سجنك ولا كرهتني زنزانة
أنا .. من ورا السجان
في العتمة باتشعلق .. حتى على الدخان
أغني بدموعي لضحكة الأوطان
من عشقي فيكي يا محروسة يا إنساااانة

أخذ يغني لنفسه ... ضاحكا تارة ..دامعة عيناه تارة أخرى .. فكر في أمه .. كم افتقدها كثيرا .. فكر في مصر  ... شعر بالرضى عن نفسه .. تنفس بعمق .. راوده احساس قوي غريب بالحرية .. تعجب من المفارقة .. وابتسم

***

خرج بعد ثلاثة أيام ... زملائه في الخارج أحدثوا ضجه اعلامية وحقوقية كبرى للضغط على النظام للأفراج عنه ... شعر بأنهم اغتصبوا حقه في الشعور بتلك الحرية التي أحسها في الداخل .. كم هي جميلة ذكريات السجن !! تعجب من تناقض احاسيسه .. وتذكر خوفه صباح النزول لتلك المظاهرة ... وتعجب من نفسه !!

تقاذفته أحضان زملائه... أخذ أحدهم على جنب وهمس في أذنه " هانعمل ايه تاني؟؟ لازم نعمل شغل جامد في الجامعة" 
نظر إليه زميله متعجبا ثم قال" ارتاح انت بس يومين ونشوف سوا هانعمل ايه بعد كده"

عاد لبيته .. بعد القبلات والأحضان من أمه أتبعتها بصياح غاضب عن خوفها عليه .. استلقى على فراشه .. حاول استعادة الاحساس بالحرية الذي كان يراوده أثناء السجن .. لم يستطع

فكر بالدخان ... وصرير الأبواب الحديدية .. معصمه الذي يؤلمه ..
صيحات التغيير
 " حرية .. حرية .. حريـــــ ...
ونام ملئ جفونه .. لعله يختصر وقتا يولد فيه على الوطن فجر جديد

إنسان

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

اكيد فى يوم هنحطم كل القيود هنثور فيه على الظلم والقهر
يوم هتطلع فيه شمس الحرية

تحياتى

غير معرف يقول...

اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر