(1)
"أنا أدعم انتفاضة المراة في الشرق الأوسط .. لأني بحب ميرهان"
كان هذا هو السبب الذي وجدته منطقيا في مواجهة أسباب أخرى كثيرة وضعها أصحابها على صفحة انتفاضة المرأة في الشرق الأوسط والتي كانت قد بدأت حملة جماهيرية تشترط على المشاركين فيها تصوير أنفسهم بجوار أسبابهم في دعم انتفاضة المرأة الشرق أوسطية.
تراوحت أراء المشاركين في حملة الدعم, فكتب أحدهم: "لأن الرجال ليسوا قوامون على النساء", وكتب آخر: "لأنو المرأة منا بنصف عقل .. ولأن عقلها بيوزن بلد", وصورة لرجل آخر يؤمن بأن: "حياة المرأة أهم من شرف اسرتها". وقالت أخرى من الجزائر بأن: "لأنها حاربت مع الرجل جنبا إلى جنب وحين استقلينا منعها من النزول إلى الشارع بعد الثامنة مساء".
(2)
أنا وميرهان أحببنا مشاركة بعضنا في تفاصيل الحياة الصغيرة, فتزوجنا. وفرض عليّ ذلك مشاركتها في مشكلاتها مع المجتمع كأنثى. والغوص في تفاصيل كارثية لحياة الأنثى في مجتمع منغلق منافق مثل المجتمع المصري ربما تكون قضية التحرش هي أهونها. فمنذ ولادة الأنثى واسرتها وبيئتها المحيطة تترك ندبات عميقة على نفسيتها وشخصيتها وتفكيرها لا يمكن أبدا إزالتها. بدءا من الحجاب المصطنع مرورا بالختان القسري والتعليم الفاسد المبتور وترويج الفتيات أنفسهن لأدوات قمعهن وتمييزهن بادعاء العفة وسوق العمل الذي يعتبر الأنثى "نصف قوة عمل رجل" وصولا للزواج حيث قال لنا المآذون حينما طلبنا أن يكون لكلانا الحق في انهاء العقد: هذا غير شرعي!.
ربما يرى كثيرون أن المرأة على العكس لها من الحقوق ما يجاوز حقوق الرجل, وهؤلاء "الكثيرون" لا يختلفون كثيرا عن "كثيرون" آخرون يرون مثلا أن المسيحيين في مصر يتمتعون بحقوق أكثر بكثير من أي مسلم. واعتقد ان الحل الفعال لهؤلاء هو نصحهم بأن يخوضوا تجربة ارتداء "طرحة وميكياج" على سبيل التنكر, والنزول للشارع وخوض التجربة اليومية للمرأة في احدى الأوتوبيسات العامة. وبالتأكيد سيكون الرفض المتقزز من الفكرة هو أقوى دليل على مدى عنصرية هؤلاء "الكثيرون" المغالطون!
(3)
أنا مؤمن تماما بأن تحرر المرأة الكامل والحقيقي من الاستغلال مرتبط شرطيا بتحرر المجتمع ككل من كافة أنواع الاستغلال الرأسمالي والديني. وتحرره أيضا من كل المبررات العقائدية والعاداتية لاعتبار المرأة مجرد مفعول به أو قوة عمل مباعة.
لكني في الوقت نفسه أرى أنه من المهم جدا تنظيم المرأة لنفسها ولصفوفها لانتزاع حريتها وحقوقها. مما سيؤدي بالضرورة لتعزيز التناقضات الاجتماعية بل والطبقية وابرازها وكشف حقيقة مدعي الحفاظ على حقوق المرأة باسم الحفاظ عليها. من المهم أيضا تطوير خطاب حرية المرأة ليتناول حقها في العيش الكريم جبنا إلى جنب مع حقها في قيادة السيارة, بما سيجعل مطالب حرية المرأة أكثر ارتباطا بتفاصيل المعاناة اليومية لمرأة الطبقة المتوسطة والفقيرة. كما انه من المهم طرح الأسر التي تعولها امرأة حصريا كشريحة تستحق دعم خاص من الدولة. وفي اعتقادي أن تحرر المرأة يبدأ بتضافر حقوقها الاجتماعية (تعليم وعمل كمثال) مع حقوقها الشخصية (تجريم الختان وزواج القصر كمثال).
ذات مرة قرأت قصة عليها تعليقات شديدة الحماس بجمالها وقوتها تتلخص في تشبيه المرأة بالؤلؤة الغالية المحفوظة في علبة حمراء جميلة تقيها أتربة الشوارع والحياة. بما يبرر "حبس" المرأة وتقليص مجال حريتها وتحركها من أجل الحفاظ عليها. استنكرت في البداية تشبيه المرأة بمجرد لؤلؤة "حتة حصوة", لكن زادت دهشتي من ذلك المنطق كثيرا حينما علمت أن 33% من الأسر المصرية يعولها حصريا امرأة, بدون علبة حمراء تقيها اتربة الشارع!
ولذلك فبمنتهى البرجماتيه والنفعية ربما فإني متحيز لحقوق المرأة من منطلق كرهي الرهيب لرؤية ميرهان مضطهدة من مديرها في العمل لأنها أنثى, أو لرؤيتها باكية من تحرش أحد الحيوانات بها بعد صلاة العيد, أو لرؤيتها منكسرة تحت وطأة احساسها بحتمية تواكلها واعتمادها على الذكر المتمثل في شخصي, أو لرؤيتها مذعورة وهي تتذكر السلطة التي منحها القانون حصريا لي في علاقتنا المشتركة ..
اعتقد ان الصواب لم يجانبني كثيرا حينما بررت ايماني بقضية المرأة بحبي لميرهان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق