(1)
منذ 400 عام عاش في انجلترا ثائر مغوار اسمه "جاس فاوكس", و" فاوكس" كان يكره الظلم الذي فرضه على الناس جيمس الأول ملك انجلترا وقتها, فقام بتنظيم مجموعة من الكاثوليك, وبنى سردابا طويلا تحت البرلمان الانجليزي, وحاول تفجيره عندما كان الملك بداخله في احد اجتماعاته, لكن الملك علم بمخطط فاوكس فقبض عليه ليتدلى فاوكس على حبل المشنقة في 31 يناير 1606.
اعجبت القصة السابقة كاتب انجليزي يدعى ألن مور, فكتبها في فيلم أخرجه جيمس مكتيغو في فيلم سماه (V for Vendetta) عام 2006, والذي أصبح قناعه في الفيلم رمزا لكثير من المجموعات الاناركية.
في 21 يناير 2012 شاهد أحد الأشخاص الفيلم, ويبدو ان هذا الشخص كان لديه مشكلة في نطق حرف الـ(v), رغم كونه صحفي!
فخرج علينا بتقرير بجريدة الحرية والعدالة عن الفيلم يحمل فيه "فاوكس" كل أخطاء المجلس العسكري ومؤامراته!
(2)
الكوميونة هو اللفظ الذي أطلقه عمال باريس الأناركيين على المجتمع الذي أقاموه وحلموا باستمراره بعد ثورتهم, وعندما يحلم العمال بمجتمع فمن المؤكد أنه ليس كأي مجتمع عاشت فيه البشرية من قبل, فبعد إعلان عمال باريس تأسيس كومينتهم في 28 مارس 1871 أصدروا مجموعة من القرارات التي خلدت ذكر هذه التجربة الاجتماعية الفريدة كأرقى تجربة بشرية في التاريخ, ليس من منظوري فقط ولكن ربما من منظور القرارات التي أصدرتها الكوميونة نفسها, فقد ألغت ما يسمى بالتجنيد الإجباري والجيش النظامي وجعلت القتال عمل تطوعي بحت, وألغت كل الضرائب المفروضة على السكان, كما أعلنت أن الحد الأقصى للأجور لا يتعدى 6000 فرنك (وهو بالضبط اجر العامل المتوسط حينها).
لم يكتفي فقراء باريس بتلك القرارات الاقتصادية العبقرية, بل ومنعوا كل اشكال الربا تماما وأغلقوا كل محلات الرهونات التي كانت تمص دماء الفقراء, كما كفلت الكوميونة الحق في السكن المجاني وألغت كل اشكال الايجار العقاري, وكفلت للعمال والصناع الحق في امتلاك ادواتهم ومصانعهم.
وموقف عمال باريس الثوري اقتصاديا لا يختلف كثيرا عن موقفهم من الدين, ففي وسط كل السلطة التي كانت للكنيسة آنذاك, اعتبر السكان الدين شيئا شخصيا تماما, واعتبر كل ما يخص الدين هو في نطاق الضمير الفردي الذي لا يمكن استباحته أو فرضه على الكبار أو الصغار, ولذلك فقد منعوا كل الشعارات والرموز الدينية من المدارس, وأصدروا قانونا يجرد الكنيسة من أي سلطة, وحولوا ممتلكاتها إلى ملكيات عامة.
أما المرأة فقد أصدرت بنفسها قرارات تساوي بينها وبين الذكر تماما من حيث الأجر وحق الطلاق وحق الزواج المدني والتعليم المهني, بالإضافة إلى أنهن ألغين الدعارة والتمييز ضد العشيقات والاطفال الغير شرعيين.
وفي ٦ ابريل 1871 اخرجت الكوميونة مقصلة الثورة الفرنسية الكبرى من مكانها وأحرقوها في العلن كرفض منهم لكل اشكال القتل والتدمير والقمع والاضطهاد.
(3)
مريد البرغوثي شاعر فلسطيني مناضل, كان يحب شابة مصرية, ولأن اسمها رضوى عاشور فقد كتب لها قصيدة يقول فيها:
رضوى
يا ذات الوجه المنذور لأرض الدلتا
ولحب فلسطينى متعب
`فلنرفع أيدينا فى وجه الشمس الوحشية
ولنقرع أسماء العالم:
موعدنا العام القادم!
سميتك أول مقتول خلف متاريس الكوميونة
سميتك أول مولود فى مصر الحرة
سميتك أول فلاح ينضم لعز الدين القسام
وعندما يسمي مريد البرغوثي رضوى باسم أول مقتول خلف متاريس الكوميونة فمن المؤكد أنه كان يحبها بشدة, فأول مقتول خلف متاريس الكوميونة رجل عظيم, والكوميونة نفسها تجربة عظيمة, بل ربما هي أعظم تجربة بشرية في التاريخ .. على الإطلاق.
(4)
لو كنت مارا ذات يوم بجوار حائط مرسوم عليه جرافيتي فبالتأكيد أنت تشاهد تطبيقا لأحد الفنون التي ابتكرتها المجموعات الأناركية للمقاومة والاعتراض في كل العالم.
والأناركيين (وهم بالمناسبة أنفسهم من قاموا بكوميونة باريس!) متوغلين في كل أنواع الفنون, كل أنوع الموسيقى بدءا من الكلاسيكيات حتى ال(Heavy Metal), والعديد من الأفلام العظيمة في السينما والكثير من المسرحيات وخصوصا المدارس التابعة لمسرح الشارع.
يتبع الأناركيون مجموعات الانونيمس, ومجموعات احتلوا وول استريت, ومجموعات رفض التجنيد الاجباري في اسرائيل, ومجموعات السلام العالمي, ومجموعات الخضر.
وربما لو وقفت في بلكونة منزلكم بعد ان تقرأ هذا المقال الآن, قد تجد مجموعة من الشباب يسيرون في الشارع طارقين بملاعق طعام على اواني طعام معدنية فارغة. بالتأكيد هؤلاء الشباب يعانون من الجوع والفقر ككل الناس العاديين, وبالتاكيد أيضا انهم مجموعة ضوضاء العالم الأناركية, والتي تقوم بمظاهرة لها في كل انحاء العالم, واليوم السبت هو اليوم المحدد لمظاهرتها في مصر!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق